يوسف قرشي
انطلقت اليوم الثلاثاء بالرباط أشغال اللقاء الأول لقادة المؤسسات الثقافية المقدسية، الذي تعقده المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بالشراكة مع وكالة بيت مال القدس الشريف ووزارة الثقافة الفلسطينية.
ويبحث هذا اللقاء، المنظم على مدى ثلاثة أيام، الاحتياجات العاجلة للمؤسسات الثقافية المقدسية، ووضع خطة عمل لدعمها ومرافقتها في تنفيذ أنشطتها، وإطلاق مبادرات تساهم في حماية وتعزيز الهوية الثقافية والنسيج الحضاري لمدينة القدس الشريف، وتكريس الهوية العربية للمدينة المقدسة وتعزيز مكانتها الثقافية والحضارية.
وشهد اللقاء، الذي يتزامن مع تخليد وكالة بيت مال القدس الشريف هذا العام ليوبيلها الفضي، تدشين معرض الصور ” القدس: مشرق الأنوار ” وإطلاق كرسي الألكسو لدراسات القدس الشريف.
كما يسعى أيضا الى دعم هوية القدس الثقافية ودعم صمودها الحضاري عبر حماية الحقوق الثقافية لسكانها، وتعزيز التنسيق والتشبيك بين المؤسسات العاملة في القطاع الثقافي في المدينة المقدسة، وتمكينها من تقديم خدماتها للمستفيدين من برامجها، وتقديم المساعدة الفنية لبناء قدرات المؤسسات الثقافية الأهلية.
وفي كلمة بالمناسبة، أبرز وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن اختيار عاصمة المملكة المغربية لاحتضان هذا اللقاء الثقافي الهام بين الإخوة الفلسطينيين لم يكن وليد الصدفة، بل هو نابع من المكانة الخاصة التي تحظى بها الرباط، باعتبارها مدينة المقر لوكالة بيت مال القدس الشريف، ولكونها مدينة للعيش المشترك تتجسد فيها أسمى صور ومعاني التسامح والتعايش بين مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.
واستحضر الوزير، في هذا السياق، الدور الريادي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، وجهود جلالته في صيانة الهوية التاريخية العريقة للقدس الشريف التي تجسدها بكل تميز واقتدار وكالة بيت مال القدس الشريف، والتي تسهر على تمويل المشاريع والبرامج التي تدعم وتعزز الوجود العربي الإسلامي بالمدينة المقدسية.
ومواكبة لهذه الجهود المتميزة، قال السيد بنسعيد إن الوزارة تتطلع إلى النتائج والخلاصات التي ستسفر عنها أشغال هذا اللقاء الثقافي الفلسطيني الهام، والتي “نقترح أن تدرج ضمن وثيقة رسمية تسمى (إعلان الرباط لتعزيز وتقوية العمل الثقافي بالقدس الشريف)”، على أن يشكل هذا الإعلان وثيقة مرجعية ضمن وثائق الدورة 24 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي التي ستحتضنها مدينة مراكش خلال سنة 2024.
كما أعرب عن الاستعداد لتنزيل مخرجات هذا اللقاء ووضع الخبرة المغربية في مجال تدبير وبرمجة وتنشيط المؤسسات والفضاءات الثقافية رهن إشارة القادة المقدسيين سعيا إلى تعزيز وتطوير العمل الثقافي بالقدس الشريف، وترسيخا للعلاقة الوطيدة ووشائج الأخوة العميقة والصادقة القائمة بين المغرب وفلسطين.
من جانبه، قال المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، محمد سالم الشرقاوي، إن الوكالة، بتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وضعت لبنتها في هذا الأساس، بالاهتمام بقطاع الثقافة، من خلال برنامج طموح للتنشيط الثقافي والفني هم، في مرحلة أولى، أربعة مراكز ثقافية مهمة.
ويُمكن أن يتوسع هذا البرنامج، يضيف السيد الشرقاوي، ليشمل مراكز أخرى مع الافتتاح القريب للمركز الثقافي المغربي – بيت المغرب في القدس، الذي يعد مثالا يُحتذى لما يمكن أن تتخذه الدول العربية من مبادرات لحيازات العقارات وتحويلها لمراكز مجتمعية، يستفيد منها أهل القدس ومؤسساتهم.
من جهته، أعرب سفير دولة فلسطين بالمغرب ، جمال الشوبكي ، عن شكره لجلالة الملك ، رئيس لجنة القدس، على ما يقدمه من أجل القدس وأهلها، معربا عن أمله في أن يكون هذا اللقاء فاتحة لبرنامج عمل متقدم ونوعي لحماية الحالة الثقافية في القدس وتعزيز صمود أهلها.
واعتبر أن لقاء اليوم بالرباط هو خطوة أولى وهامة لوضع خطة عمل عربية متكاملة لحماية وتعزيز الثقافة العربية في القدس بالتنسيق مع الدول العربية، مؤكدا على أهمية التعاون العربي المشترك في المجال الثقافي المتعلق بالقدس.
بدوره، قال المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، محمد ولد أعمر ، إن هذا اللقاء سيوفر مساحة جماعية مشتركة للتفكير والتبادل، وتقديم أفكار لإلهام وتنشيط وتعزيز المؤسسات الثقافية العربية العاملة في مدينة القدس، ودعم قدراتها على إشراك المجتمع وأفراده في أنشطتها، مع التركيز على فهم التحديات، ومشاركة أفضل الممارسات والخبرات مع المُؤسسات الثقافية العربية من أجل اكتساب مهارات وقدرات جديدة لتحسين استدامتها على المدى الطويل.
وبحسب السيد ولد أعمر فإن تنظيم هذا اللقاء يندرج ضمن تنفيذ قرارات مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي في دورته (23) المنعقدة بمدينة الرياض في دجنيبر 2022، الذي أوصى المنظمة بوضع برنامج عمل مشترك مع وزارة الثقافة الفلسطينية لحماية وتعزيز الثقافة العربية في مدينة القدس الشريف.
ويتضمن برنامج عمل هذا الحدث تنظيم على الخصوص جلسات عمل تتمحور أساسا حول “المؤسسات الثقافية المقدسية: التجارب، البرامج والاحتياجات” ووضع ملامح خطة عمل لدعم ومرافقة المؤسسات الثقافية المقدسية.