كشفت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، أن مصالح وزارتها تقوم بإعداد وتنزيل العديد من الإجراءات والتدابير التي من شأنها الحد من الآثار السلبية للهزات الأرضية التي تحدث من حين لآخر ببعض المناطق من تراب المملكة، خاصة تلك التي تعرف كثافة سكانية كبيرة.
وأوضحت الوزيرة، في جواب عن سؤال كتابي بمجلس النواب، أنه في ما يخص إقليم الحسيمة أشرفت الوزارة على إنجاز «دراسة خريطة المناطق المؤهلة للتعمير» بكامل تراب الإقليم التي تعد آلية للوقاية من المخاطر الطبيعية في مجال البناء والتعمير تنفيذا للتعليمات الملكية السامية للحكومة، الواردة في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بمدينة الحسيمة بتاريخ 25 مارس 2004 عقب الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة، يوم 24 فبراير من السنة نفسها.
وأشارت المنصوري إلى أنه تم إطلاق هذه الدراسة، التي تعد الأولى من نوعها، في مستهل سنة 2008 بعد استشارات واسعة مع مؤسسات علمية وطنية ودولية متخصصة في الكوارث الطبيعية، واستمرت الأبحاث والتنقيبات الميدانية لمدة أربع سنوات، توجت بنتائج تحدد المناطق التي يمنع فيها البناء بصفة مطلقة والمناطق التي يسمح فيها البناء بشروط، وتلك التي لا تحتاج لأي تدبير خاص، وذلك حسب طبيعة وحجم المخاطر التي تم تحديد مواقعها والوقوف عليها، سواء في ما يتعلق بالفوالق الزلزالية النشيطة أو انجراف التربة أو الفيضانات، وهذا اعتمادا على تقنيات ومعايير علمية معتمدة من قبل كبريات الهيئات المتخصصة في هذا الميدان.
واعتبارا للأهمية القصوى التي حظيت بها نتائج هذه الدراسة، تضيف المنصوري، عملت مصالح الوزارة بمعية مصالح الوكالة الحضرية للحسيمة على بلورة منهجية جديدة تروم إدماج توجهاتها في كافة وثائق التعمير التي تغطي تراب الإقليم بصفة تدريجية، ابتداء من المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية للحسيمة الكبرى الذي يغطي 90 بالمائة من التجمعات السكنية الحضرية بالإقليم وتصاميم تهيئة المدن والمراكز القروية الآهلة بالسكان، وصولا إلى تصاميم تنمية الكتل القروية التي تنظم التعمير بالمناطق النائية بالإقليم.
وفي هذا الصدد، أكدت الوزيرة على أن جميع وثائق التخطيط الحضري بإقليم الحسيمة تم تغييرها أو تعديلها منذ أواخر سنة 2012 تاريخ الانتهاء من دراسة خريطة المخاطر المذكورة، وذلك وفقا لنتائجها وتوصياتها.
وأبرزت الوزيرة أنه، تعزيزا لهذه الآلية الفريدة التي تستهدف الوقاية من المخاطر الطبيعية في ميدان التعمير والبناء، باشرت الوزارة إطلاق دراسة جديدة في متم سنة 2018 تحت اسم «دراسة إعداد خريطة قابلية البناء للمناطق المهددة بالمخاطر الزلزالية وانجراف التربة بإقليم الحسيمة»، التي تعد بمثابة تعميق للأبحاث والدراسات قصد تحديد دقيق لمحاور وحدود الفوالق الزلزالية النشيطة المتواجدة بتراب الإقليم، وكذا تصنيف المواقع المعنية حسب مقتضيات القانون المضاد للزلازل.
كما تمتاز هذه الدراسة، حسب الوزيرة، بقدرتها على تحديد شروط ونوعية الأساسات والبنايات التي يجب إنجازها في كل عملية بناء حسب المواقع والمناطق المجاورة للمخاطر المذكورة، حيث بدأ العمل بها واعتماد نتائجها في كل عملية ترخيص بالتجزيء أو البناء، ابتداء من تاريخ المصادقة عليها في 26 أكتوبر 2021، كما عملت مصالح الوكالة الحضرية على إدماج نتائجها في كل وثائق التعمير التي خضعت مسبقا للتحيين أو التعديل وكذا في تلك التي سيتم إنجازها مستقبلا.
وأضافت المنصوري أنه، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتدبير المخاطر الطبيعية (2021-2031) المصادق عليها من قبل المجلس الحكومي بتاريخ 4 فبراير 2021، بادرت الوكالة الحضرية للحسيمة بالمشاركة في إعلان طلب مشاريع برسم سنة 2022 يتعلق بالمشروع الريادي الخاص بالدراسات الزلزالية والمتعلق «بالميكرو – تنطيق» الزلزالي لمدينة الحسيمة وضاحيتها، حيث تقرر قبول هذا المشروع ومنحه غلافا ماليا قدره 2.5 مليون درهم كمساهمة من طرف صندوق محاربة آثار الكوارث الطبيعية، أي بنسبة تبلغ 50 بالمائة من المبلغ الإجمالي للمشروع الذي يقدر بـ 5 ملايين درهم.
وعلى صعيد أكادير، أكدت الوزيرة أن هذه المدينة تضم مناطق زلزالية متعددة، ما يستوجب اتخاذ إجراءات احترازية للحد من الأضرار المادية والبشرية لحماية المواطنين والحفاظ على ممتلكاتهم.
وأفادت المنصوري بأن الوزارة، بمعية الوكالة الحضرية لأكادير، تعمل على استحضار وتطبيق مجموعة من النصوص القانونية ذات الصلة بميدان التعمير.
أما على مستوى التخطيط العمراني، تضيف الوزيرة، وعند إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية لأكادير الكبير باعتباره وثيقة تتوخى التنظيم العام للتنمية العمرانية، حرصت الوزارة، بمعية الوكالة الحضرية لأكادير، على تضمينه التخصيصات التعميرية لمختلف المناطق التي يغطيها وتحديد المجالات التي يحظر فيها البناء لاعتبارات أو موانع طبيعية متعددة منها المناطق الزلزالية، كما تعمل هاته المؤسسة، عند إعداد تصاميم التهيئة كوثائق تنظيمية يتم من خلالها تنزيل تفاصيل مختلف توجهات المخطط المذكور، على التمييز بالمجالات المعنية بهذه الظاهرة بين تلك التي يحظر فيها البناء بشكل قطعي والمناطق التي تفتح للتعمير ويباح فيها البناء بشروط ومعايير مضبوطة تحدد بناء على دراسات تقنية ينجزها مختصون في الميدان.